بالعلامات الصحيحة.. كل ما تريد معرفته عن ليلة القدر

+ حجم الخط -

 

بالعلامات الصحيحة.. كل ما تريد معرفته عن ليلة القدر
  علاء صقر 

جورنال مصر


ليلة القدر هي ليلة عظيمة ومباركة في الإسلام، وتحدث في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك. ويعتقد المسلمون أنها ليلة أفضل من ألف شهر، وأنها تحمل في طياتها البركة والرحمة والمغفرة من الله تعالى.


لماذا أُطلق على هذه الليلة اسم «القدر»؟ 


القَدْرُ في اللغة: يأتي بمعنى القضاء والحكم كالقَدَر، ويأتي بمعنى الحرمة والمكانة، فلان له قدر، ويأتي بمعنى التقدير، ولذا اختلف العلماء في سبب تسمية ليلة القدر بذلك، منها أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، لقوله تعالى: «فيها يفرق كل أمر حكيم»، والقول الثاني سميت بذلك لشرفها وعظيم قدرها عند الله، قال القرطبي: «إنما سميت بذلك لعظمها وقدرها وشرفها من قولهم: لفلان قدر أي شرف ومنزلة قاله الزهري وغيره»، وقال النووي: "وقيل سميت ليلة القدر لعظم قدرها وشرفها


وقيل لأنه ينزل فيها ملائكة ذوات قدر، وقيل لأنها نزل فيها كتاب ذو قدر، بواسطة ملك ذي قدر، على رسول ذي قدر، وأمة ذات قدر، كما قيل لأن للطاعات فيها قدرًا عظيمًا، كما قيل لأن من أقامها وأحياها صار ذا قدر، قال أبو بكر الوراق: سميت بذلك لأن من لم يكن له قدر ولا خطر يصير في هذه الليلة ذا قدر إذا أحياها"، والراجح أنها سميت بذلك لجميع هذه المعاني مجتمعة وغيرها. 


ويعتقد المسلمون أنها ليلة تنزل فيها الملائكة والروح فيها، ويُغفر فيها الذنوب ويُعتق فيها الرقاب، وترفع فيها الدرجات وتُجاب فيها الدعوات. ولذلك فإن المسلمين يحرصون على الاجتهاد في العبادة والتقرب إلى الله تعالى في هذه الليلة، من خلال الصلاة والذكر والدعاء والصدقة والإحسان إلى الناس.


سبب نزول الملائكة في ليلة القدر


ذكر الإمام القرطبي حديث ابن عباس رضي الله عنه، قال إن النبي  صلى اللّه عليه وسلم قال: «إذا كان ليلة القدر، تنزل الملائكة الذين هم سكان سدرة المنتهى، منهم جبريل، ومعهم ألوية ينصب منها لواء على قبري، ولواء على بيت المقدس، ولواء على المسجد الحرام، ولواء على طور سيناء، ولا تدع فيها مؤمنا ولا مؤمنة إلا تسلم عليه، إلا مدمن الخمر، وآكل الخنزير، والمتضمخ بالزعفران».


وأيضاً يوجد حديث مرفوع عن أنس رضي الله عنه أنه «إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من السماء يصلون ويسلمون على كل قائم أو قاعد يذكر الله تعالى».


وذكر الإمام الرازي في تفسير سورة القدر عن كعب، عن سؤال ما سبب نزول الملائكة في ليلة القدر؟، أنه في ليلة القدر تتنزل الملائكة مع سيدنا جبريل عليه السلام وليس فيها ملك إلا وقد أعطى الرأفة والرحمة للمؤمنين، فلا تبقى بقعة من الأرض إلا وعليها ملك ساجد أو قائم يدعو للمؤمنين والمؤمنات، وجبريل عليه السلام لا يدع أحدًا من الناس إلا صافحهم، وعلامة ذلك من اقشعر جلده ورق قلبه ودمعت عيناه، فإن ذلك من مصافحة جبريل عليه السلام.


عدد الملائكة في ليلة القدر


ثبت في علامات ليلة القدر  أن الملائكة تنزل أفواجًا في ليلة القدر، وتكون أكثر من الحصى على الأرض، فقد قال الله تعالى: «تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ»، ورُوِي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: «وإن الملائكةَ تلك الليلةَ أَكْثَرُ في الأرضِ من عَدَدِ الحَصَى».‎


ويحدد المسلمون ليلة القدر بالتقويم الهجري، ولكنها عادة تكون في العشر الأواخر من شهر رمضان، ولا يعرف بالضبط يومها، ولذلك يحث المسلمون على الاجتهاد في العبادة والتقرب إلى الله تعالى في كل ليلة من هذه العشر، حتى يتأكدوا من أنهم استغلوا هذه الفرصة المباركة بالشكل الأمثل.


ليلة القدر خير من ألف شهر


قال تعالى: «لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ» [القدر:3]، مما جاء في بيان الألف شهر هذه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمال الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر أعمال أمته أن لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر»، وعن مجاهد: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلًا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر قال فعجب المسلمون من ذلك قال فأنزل الله عز وجل «إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر» التي لبس فيها ذلك الرجل السلاح في سبيل الله ألف.


ويعتبر البحث عن ليلة القدر والاجتهاد في العبادة فيها من الأمور المهمة في الإسلام، حيث يحرص المسلمون على القيام بالعديد من الأعمال الصالحة في هذه الليلة، منها قراءة القرآن الكريم والدعاء والتسبيح والاستغفار والصدقة، وغيرها من الأعمال الصالحة التي تقرب العبد من الله تعالى.


وتعتبر ليلة القدر فرصة مهمة للتغيير والتوبة، والعودة إلى الله تعالى، حيث يحرص المسلمون على الاعتراف بالذنوب والتوبة منها، ومحاولة الاقتراب من الله تعالى بالعمل الصالح والاستغفار.


معنى قوله تعالى: «سَلَـٰمٌ هي حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ»


قال مجاهد في قوله: «سَلَـٰمٌ هي» قال: سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا أو يعمل فيها أذى.، قال ابن الجوزي: ... وفي معنى السلام قولان أحدهما: أنه لا يحدث فيها داء ولا يُرسَل فيها شيطان، قاله مجاهد. والثاني: أن معنى السلام: الخير والبركة، قاله قتادة، وكان بعض العلماء يقول: الوقف على «سَلَـٰمٌ»، على معنى تنزّل الملائكة بالسلام.


ويعتبر الاعتكاف في المسجد في العشر الأواخر من شهر رمضان من الأعمال المستحبة في هذه الليلة، حيث يحرص المسلمون على الانفراد في المسجد للعبادة والتقرب من الله تعالى والدعاء والتسبيح، وذلك لما في هذه الأعمال من فضل وثواب عظيم.


ويجب على المسلمين الاجتهاد في العبادة والتقرب من الله تعالى في كل الأوقات والمناسبات، وليس فقط في ليلة القدر، وذلك لأن الله تعالى يحب المتقين والمتجهدين في سبيله، ويرحمهم ويغفر لهم ويجازيهم بأفضل الجزاء في الدنيا والآخرة.


ويجب على المسلمين أيضًا الالتزام بالأخلاق الإسلامية في حياتهم اليومية، والتعامل مع الناس بالرفق واللين والإحسان، وإظهار المحبة والتسامح والتعاون مع الآخرين، وتجنب الأفعال السيئة والمحرمة.


علامات ليلة القدر


أولا: نزول الملائكة أفواجًا في ليلة القدر، وتكون أكثر من الحصى على الأرض، فقد قال الله تعالى: «تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ»، ورُوِي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: «وإن الملائكةَ تلك الليلةَ أَكْثَرُ في الأرضِ من عَدَدِ الحَصَى».


ثانيًا: اعتدال الجوّ فيها؛ فلا يُوصف بالحرارة، أو البرودة؛ حيث رُوِي عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: «ليلةُ القدْرِ ليلةٌ سمِحَةٌ، طَلِقَةٌ، لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ، تُصبِحُ الشمسُ صبيحتَها ضَعيفةً حمْراءَ».


ثالثًا: طلوع الشمس دون شعاع في صباح اليوم التالي لها؛ فقد ورد عن أبيّ بن كعب -رضي الله عنه-: «وآيةُ ذلك أنْ تَطلُعَ الشَّمسُ في صَبيحَتِها مِثلَ الطَّسْتِ، لا شُعاعَ لها، حتى تَرتفِعَ»، ثبت في علامات ليلة القدر النقاء والصفاء في ليلتها؛ فقد رُوي في أثرٍ غريبٍ عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-: «أمارَةَ ليلةِ القدْرِ أنها صافيةٌ بَلِجَةٌ كأن فيها قمرًا ساطعًا ساكنةٌ ساجيةٌ لا بردَ فيها ولا حرَّ ولا يحِلُّ لكوكبٍ يُرمى به فيها حتى تُصبِحَ، وإن أمارتَها أنَّ الشمسَ صبيحتَها تخرُجُ مستويةً ليس لها شُعاعٌ مثلَ القمرِ ليلةَ البدرِ ولا يحِلُّ للشيطانِ أن يخرُجَ معَها يومَئذٍ».


رابعاً: أن يحدث للإنسان سكون في النفس.


خامساً: في ليلة القدر يشعر الشخص بإقبال على الله عز وجل في هذه الليلة. 


سادسا: أنه لا ينزل في ليلة القدر النيازك والشهب.


سابعا: أن يُوفق الشخص فيها بدعاء لم يقله من قبل.


ويجب أن يتذكر المسلمون أن الله تعالى هو الرحمن الرحيم، الذي يتقبل التوبة والاستغفار، ويغفر الذنوب والخطايا، ويجازي العبد بأفضل الجزاء على حسب نيته وعمله، ولذلك يجب على المسلمين الاجتهاد في العبادة والتقرب من الله تعالى في كل وقت وفي كل مكان.


ليلة القدر هي فرصة عظيمة للتوبة والاستغفار والعمل الصالح، ويجب على المسلمين الاستغلال الأمثل لهذه الفرصة المباركة، والالتزام بأسس الإسلام والتعامل مع الناس بالرفق واللين والإحسان، لتحقيق السعادة والنجاح في الدنيا والآخرة.

كتابة تعليق