بقلم - هيثم محمد النسور
يَـا سَـاكِـنَ الْـقَـلْبِ رِفْقًـا لَـو تُـوَاسِـيـهِ
فَـأَنْـتَ أَدْرَى بِـمَـا يَـطْـوِي وَيُـخْـفِـيـهِ
دَعِ الْـمَـلَامَــةَ وَالــتَّــثْــرِيْـبَ، إِنَّ بِـــهِ
شَـجْـوًا مِـن الْـبَـيْـنِ وَالْآهَـاتِ يَكْـفِيهِ
قَـالَتْ عَـلَامَـكَ مَـغْـمُـومٌ ومُـكـتَـئِــبٌ
كَـالصَّقـرِ ضَاوٍ وَقَدْ هِـيـضَـتْ خَوَافِيهِ
أَرَاكَ شَـدَّيْتَ فِـي الْأَسْـحَــارِ رَاحِــلَــةً
فَـمَا الَّـذِي يَـا أَنِـيـسَ الْـعُـمْـرِ تَـنْـوِيـهِ
فقُـلـتُ : أَصْـبـو إِلـى قَـومٍ مَـقَـامَـهُـمُ
كَـالْبَـدْرِ فِي غَيهَـبِ الدَّيْـجورِ أُضْوِيـهِ
دِيَـارُهُـمْ دَوحَــةٌ بِـالْـعِـزِّ قَـدْ شَـرُفَـتْ
وَخَصْـمُـهُـمْ لَـيـلُـهُ اسْـودَّتْ دَيَـاجِـيـهِ
سَـأَمْـتَـطِـي صَـهْـوَ مَـحْـبُوكٍ أَعُـجُّ بـهِ
كَـسَـابِـحٍ لَـو عَـدَا يَـدْنُــوكَ قَـاصِــيــهِ
تَـحَـقَّـقَ الحُـلمُ صَارَ العُربُ فِي وَطَنٍ
يَـفِـيْـضُ خَـيْـرًا عَـمِـيـمًا مِـن بَـوَادِيـهِ
يُـرْوَى بِـأَنْـدَاءِ مُــزْنٍ خَـضْـلَـةٍ فَـرَبَـتْ
بِــسَــاطَ نُـورٍ تَــعــالَـىٰ الـلَّــهُ بَـارِيــهِ
بُـوْرِكْتِ يَا شَامُ فِيكِ الْـيَاسَمِينُ زَهَــا
والمَسـجِدِ الأُمَويْ ازدَانَـتْ حَوَاشِـيـهِ
فقَالَ إِنْ كُنْتَ صَـوبَ الْـقُـدْسِ مُتَّجِهًا
بَـعـدَ الـصَّـلاةِ بِـــهِ قَـبِّـلْ سَــوَارِيــــهِ
لَـمَّـا تَـراءَى لِـيَ الـيـرمـوكُ فِـي غَــوَرٍ
ودَوحُــهُ طَـرِبٌ، تَــشــدُو قَــمَــاريـــهِ
كَـأَنَّـنِـي فِـي جِـنَـانٍ طَـابَ مَـرتَـعُـهَــا
حَـمَـامُـهَـا صَـادِحٌ رَقَّـتْ مَــغَــانِـــيــهِ
وَالمـاءُ يَـنـسَـابُ مَـصـقُـولًا بِـساقِـيَـةٍ
فَاخضَوضَرَ الرَوضُ وَالوَسْميُّ يَرويهِ*
فَـالقُـدْسُ جَـذْلَى وَقَدْ ضَاءَتْ مَنَارَتُهَا
بَـهَـاؤُهَـا لَيسَ مِنْ شَـمْسٍ تُـضَـاهِـيـهِ
رَوَافِــدُ الـمَـاءِ قَـدْ فَـاضَـتْ مَـنَـابِـعُـهَا
فَـصَـفَّـقَ الـنِّـيـلُ، وَالْأَفْـنَـانُ فِي تِـيْـهِ
كَـأَنَّمَا مِــصــرُ رِبَّـاتُ الْـخُـدُورِ بَـــدَتْ
وَضَّـاحَـةَ الْـوَجْـهِ فِي بِـشْـرٍ وَتَـنـزِيـهِ
بِـنِـيْـلِـهَـا تُــضْــرَبُ الْأَمْـثَـالُ مِـن أَزَلٍ
وَزَرْعُـهَـا مِـن نَـمِـيرِ الْـمَـاءِ تَـسْـقِــيــهِ
تَـرَى الْحَـوَارِي عَـلَى شَـطَّيْهِ فِي مَرَحٍ
وَالْــبَــدرُ مُـــدَّتْ لــهُ حُـبًّـا، أَيَــادِيـــهِ
يَسَّاقَطُ الرَّطْـبُ مِنْ نَخْـلِ الْحِجَازِ بِـهِ
جَـمَـالُ شَـكْــلٍ بَــهِــيٍّ عِـنـدَ رائِـــيــهِ
صَـعَـدتُ غَــارَ حِـرَاءٍ مُـنـتَـهَـى أَرَبِــي
وَمَـهـبِـطُ الْوَحْيِ غَـمَّ النـَّفـسِ يُـجليهِ
نَــدَّ الْـحِـصَـانُ فَـعَـرَّجْـنَـا عَـلَى يَـمَـنٍ
وَصَفْـوَةُ الْــقَـومِ حَطَّتْ فِـي أَعَـالِـيـهِ
رَأيْـتُ مَـسْـكَنَ بَـلْـقِـيـسٍ غَـدَا طَـلَــلًا
مِـنْ بَـعْـدِ مَـا كَـانَ مَعْـمُورًا بـأَهْـلِــيـهِ
نَــهْـرُ الْـفُـرَاتِ دَعَـانـِي لِـلْـوِصَـالِ بِــهِ
هَـيْـهَـاتَ يَـسْـلَـمُ قَـلْـبِـي مِـنْ تَـجَنِّيـهِ
فِيْـهِ الْكَـوَاعِبُ بِـالْأَلْحَـاظِ كَـمْ فَتَـكَتْ
بِـقَـلْـبِ صَـبٍّ بِــسَـهْـمٍ كَــادَ يُـرْدِيـــهِ
رُضَابُـهَـا الشَّـهـدُ يَهْمِي مِن مَراشِـفِـهَـا
وَخَـصرُهَـا مِـثْـلَ فَــرْعِ الْـبَـانِ تَـثْنِـيهِ
يَـا أُمَّــةَ الْـعُـرْبِ وَالْإِسْـلَامُ مَـنْـهَـجُـهَا
نِـبْـراسُكِ الْإِلْـفُ وَالـتَّشْـتِـيـتُ يُطْفِيهِ
نِـلْـتُـمْ مِـن الْـفَـخْـرِ مَـا لَا نَـالَـهُ بَـشَــرٌ
سُـلـطَـانُـكُـمْ صَـيْـدَنُ الأَقْـيَـالِ يَـبْغِيهِ
وَرَفْـرَفَـتْ فِـي سَـمَـاءِ الْـعِـزِّ رَايَـتُكُـمْ
كَـفَـرقَـدٍ يُـرشِـدُ الـسَّـارِي وَيَــهــدِيــهِ
جُذُورُكُـمْ أُصِّـلَتْ فِي الْأَرضِ مِن أَبَــدٍ
وَفَـرعُـكُمْ قَدْ سَمَا فِـي الْأُفْـقِ يُزكِـيـهِ
وَاللَّـهُ يَـعـصِـمكُمْ فِي ظِـلِّ وَحـدَتِـكُمْ
هَـذَا قَـضَـاءٌ وَأَمْـــرُ الـلـَّـهِ مُــجْـرِيـــهِ
أَرجُـو مِـنَ الـلَّـهِ تَـثْـبِـيـتًـا لِـدَوْلـتِـكُـمْ
ورَأسُــهَـا شَـامِـخٌ تَـسْــمُــو نَـوَاصِـيـهِ
لَاعَيْبَ فِي الْقَوسِ لَو فِي صُلْبِهَا عِوَجٌ
فَـسَـهْـمُـهَـا لَـمْ يُـزَاوِرْ عَـنْ مَـرَامِـيـــهِ
مِنَ المُحيـطِ إِلَى أَرْضِ الْخَلِـيجِ زَهَتْ
بَـيَـارِقُ الْـفَـخْـرِ، والْإِذْعَــانَ تُـلْـحِــيـهِ
لٓا تَــيـأَسَـــنَّ رَحَـــى أَيَــامِــنَــــا دَوَلٌ
سَـنَـدحَـرُ الظَّـالـمَ الـبَّـاغِي وَنُـفْـنِـيــهِ
ذُهِـلْـتُ حِينَ أَذَانُ الْـفَـجْـرِ أَيقَـظَـنِـي
شَـعَـرْتُ أَنِّـي بِــحُـلـمٍ كُـنْـتُ أَهْـذِيــهِ
فَغَمَّنِي اليَأْسُ وَاسْتَولَى عَلَى جَسَدي
كـأَنـَّمَـا الـرُّوحُ سُـلـَّـتْ مِـنْ تَـرَاقِـيـــهِ
رَجَــوتُ دَهْـــرًا بِــلَا هَـــمٍّ وَلَا نَــكَـــدٍ
هَـيْـهَـاتَ دَهْـرٌ، لـمِـثْـلِـي لَـوْ يُـلـبِّــيــهِ
______________________
* الوَسْمِيُّ : مَطَرُ الرَّبيع الأَولُ
إرسال تعليق