بقلم : يوحنا عزمي
القتال هو احد وسائل القيادة لخوض الصراع ولكنه ليس
كل الوسائل وليس الوسيله الوحيدة ..
"استكمال بناء سد النهضه لا يحقق أهداف اثيوبيا
وتدمير سد النهضه لا يحقق اهداف مصر
لكن فرض الإرادة هو ما يحقق الهدف "
لو كان سد النهضه هو مشكله مصر وهدفها
لتم تدمير السد دون ان يعلم احد بالعالم من دمره
فاثيوبيا تعانى حروب أهلية طاحنه ..
وطبيعى ان تستخدم اى جماعه معارضه للحكومه الإثيوبية اى اسلحه توفرها لها اى جهه للاضرار بالدوله الإثيوبية بتدمير السد
ومصر لها خبرات كبيره جدا فى ذلك المجال مثل كل دول العالم القويه وعمليه الحفار الإسرائيلى دليل على ذلك.
مخطىء من يتصور ان معركة سد النهضة لم تبدأ بعد ..
لقد بدأت هذه المعركة فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ عندما قام الشعب بعزل الجاسوس مرسى الذى كان اعداء مصر يراهنون على استمراره فى السلطه وقيامه بتدمير مصر او حتى تنتهى اثيوبيا من استكمال بناء السد .. ثم استكمل السيسى المعركة فور توليه السلطه بإعادة بناء قوة الجيش المصرى وبناء اقتصاد مصر وربطه مصالح دول كبرى باستقرار مصر واستعادته للنفوذ المصرى فى افريقيا ضربات كثيرة وجهتها مصر للعدو فى تلك الحرب دون ان ننتبه ان هناك حرب مشتعله فعلا وكان اخفاء حاله الحرب من التصرفات العبقرية للقيادة المصريه فلن يحضر مستثمر اجنبى للاستثمار فى دوله تعيش اجواء الحرب ، وثمن بيع السلاح لدوله تعيش حاله حرب يرتفع كثيرا جدا عن ثمن بيعه لدوله لا تخوض حرب .
بدايه اتمنى ان ندرك ان قصف وتدمير سد النهضه هو اهون عمل فلن يستغرق ساعه زمن من الجيش المصرى ولكن :
العاقل قبل ان يشعل الحرب عليه ان يحدد بمنتهى الدقه هدفه
من دخول الحرب ..
فالحرب ليست هدفا فى ذاتها ولكنها وسيله لتحقيق هدف ..
وعليه ان يعلم من العدو الذى يواجهه فى تلك الحرب وقدرات ذلك العدو ثم يعلم قدراته هو مقارنه بقدرات العدو ثم يحدد الأسلوب الأمثل لاستغلال قدراته لهزيمة العدو بمنعه من تنفيذ اهدافه وفرض إرادتنا عليه ..
الأهم من إشعال الحرب هو التأكد من قدرتنا على التحكم فيها وانهاءها فى التوقيت وبالاسلوب الذى نقرره ..
العراق اشعل حربا مع إيران استمرت ثمانى سنوات
واشعل حربا مع الكويت انتهت بتدمير العراق واحتلاله
والمانيا اشعلت الحرب العالمية الثانية التى انتهت بتدمير المانيا وتقسيمها ..
وامريكا اشعلت حرب فيتنام التى انتهت بهزيمه وانسحاب مذل للجيش الامريكى .
السؤال المنطقى الذى يجب ان نفكر جميعا فيه ..
ما هو الهدف الحقيقى الذى تسعى اثيوبيا لتحقيقه من إدارتها للصراع ؟!
بالتأكيد ليس استكمال بناء السد ، فلو كان ذلك هدف إثيوبيا لتعاونت مع مصر والسودان وقبلت بكل طلباتهم بعمل دراسات حقيقيه لضمان امان السد ولقبلت طلباتهم المنطقيه بعدم الأضرار بهم فلم ترفض مصر ولا السودان بناء اثيوبيا للسد لكنهم طلبوا التاكد من صلاحيته وعدم الاضرار بهم ، وهى طلبات لا تتعارض
مع مصلحه إثيوبيا بل تدعمها ..
إذا هناك اهداف حقيقية اخرى كشفت عنها تصريحات المسئولين الاثيوبيين وهى :
قبول مصر والسودان لمبدأ ان النيل ملك لاثيوبيا ومن حقها ان تتصرف فيه كما تشاء بقرار منفرد منها وان مياه النيل ملك لاثيوبيا وانها سلعه مثل البترول من حق اثيوبيا بيعها لمن تشاء "وإسرائيل تشاء وبعض الدول العربية للاسف اوحت لاثيوبيا انها ايضا تشاء ".
السؤال الثانى إذا ما هو هدف مصر من خوض الصراع ؟!
اولاً : ان تقتنع اثيوبيا وتقر باتفاقيات دولية ملزمة ان النيل
ليس ملكا لاثيوبيا ولكنه ملك لكل دول حوض النيل مصر والسودان واثيوبيا وبالتالى ليس من حق اثيوبيا ان تتخذ اى تصرف يؤثر على سريان النيل الطبيعى إلا بعد الحصول على موافقه مصر والسودان.
ثانيا : أن تقتنع اثيوبيا وتقر باتفاقيات دولية ملزمه ان مياه النيل ليست ملك لاثيوبيا ولكنها ملك لكل دول حوض النيل مصر والسودان واثيوبيا وان مياه النيل ليست سلعه قابله للبيع .
استكمال بناء سد النهضه لا يحقق اهداف اثيوبيا
وتدمير سد النهضه لا يحقق اهداف مصر
لكن فرض الإرادة هو ما يحقق الهدف.
الآن السؤال المنطقى : لماذا تصر الحكومه الإثيوبية على استفزاز الدوله المصريه لتشن مصر الحرب وتدمر سد النهضة وعلى اى قوة تعتمد اثيوبيا فى تعنتها واستفزازها لمصر ؟!
لمن لا يعلم اثيوبيا من افقر عشر دول بالعالم وحوالى ٦٠٪ من الشعب الاثيوبي لا يعرفون الكهرباء بالتالى لا علاقه لهم بكل مظاهر الحضارة والمدنية التى تعتمد على الكهرباء.
واثيوبيا تتكون من اكثر من ثمانين قبيله تندمج فى ١٢ قوميه تعيش كل قوميه منها فى قطاع جغرافى وتتحدث لغتها الخاصه ولها عقيدتها الدينية الخاصه وعلى مدار تاريخ الدوله الاثيوبية لم تتوقف الحروب والصراعات بين تلك القبائل الاثيوبية وعلى مدار تاريخهم تتمكن قبيله منهم من قهر باقى القبائل واجبارها على الخضوع لها فتظهر الدوله الإثيوبية ..
ثم امام مقاومه باقى القبائل لجبروت تلك القبيله والحروب الأهليه تنهار الدوله الإثيوبية وتستقل كل قبيله حتى تقوى قبيله اخرى وتجبر باقى القبائل بالقوه على الخضوع لها ويتكرر نفس السيناريو.
وهكذا وصل ابى أحمد إلى حكم اثيوبيا بعد ان استقلت دوله اريتريا عنها نتيجة احد حروبهم الأهلية ونتج عن استقلالها ان فقدت اثيوبيا سواحلها واصبحت دوله داخليه بدون موانىء وبدون إتصال حر بالعالم .
فنحن نتحدث عن شبه دوله تمزقها الحرب الأهلية وشعب يعانى اشد انواع الفقر والجهل والتخلف والتعصب القبلى العنصرى .
لا يوجد اى وجه للمقارنه بين قوة مصر واثيوبيا ومقارنه الجيش المصرى بالجيش الاثيوبي إهانه للعقل والمنطق.
وبذلك هى العدو المثالى وميدان المعركة المثالى كما تصورها
اعداء مصر.
فحقيقه الموقف ان الصهيونية وإسرائيل وامريكا ومعهم توابعهم "فلوس دويله قطر وتركيا وإيران" بكل امكانياتهم الجبارة اقتصاديا وعسكريا ومخابراتيا هم العدو الحقيقى الذى تواجهه مصر فى تلك الأزمه .
هذا العدو أنفق حوالى سته ترليون دولار كما أعلن الرئيس الأمريكى السابق ترامب على ما وصفه بنص كلماته "تغيير الحكومات بالدول العربية" فى إشارة منه لمؤامره الربيع العربى ..
وقد حققوا الكثير من النجاح والانتصارات حيث تم تدمير العراق وسوريا وليبيا واليمن وتم تقسيم السودان وكانوا قاب قوسين من تدمير مصر ولكن :
صمدت مصر وانتصرت وبدأت فى سعيها لبناء قوتها وإعادة بعث الدول العربية واصبح المشروع الصهيونى مهدد بالانهيار.
وكانت عبقريه مصريه إنها نجحت فى بناء قوتها بسرعه لم يتوقعها اعداءها ووصلت إلى درجه من القوة تجعل الصدام المباشر معها مغامره غير مأمونه العواقب.
فتصور العدو ان استدراجها للحرب مع طرف اخر "الحرب بالوكاله" هو وحده القادر على تعطيل مصر ومنعها من استكمال بناء كل عناصر قوتها ، ووجدوا فى اثيوبيا العدو المثالى شبه دوله فقيرة متخلفه ضعيفه لا يوجد لديها ما تخسره فى حاله تعرضها للضربات المصرية ، ووجدوا فى ابى أحمد حاكم اثيوبيا رجلهم المثالى
افاق كل ما يهمه نفسه ، فاعطوه جائزة نوبل !! "قتل شعبه وسمح لاريتريا ان تشاركه فى قتل شعبه ويسعى لإشعال حرب هو اول من يعلم ان دولته ستهزم فيها لو اشتعلت"
وقام اعلامهم باستغلال جهل وتخلف الشعوب الإثيوبية فافهموهم ان بناء السد هو ما سيجلب الرفاهية والتقدم والتحضر والمدنية إليهم ، وافهموهم ان مصر هى من من يقف بينهم وبين ذلك وان المياه مثل البترول يمكنهم بيعها لمصر والسودان وكل من يريد ان يشترى وإسرائيل تريد ان تشترى "طالبت إسرائيل اكثر من مره بإيصال مياه النيل إليها ولكن مصر رفضت" وبعض الدول العربية للاسف تريد ان تشترى ، وبذلك يتحولون إلى شعوب ثرى بدون ان يعملوا ويصبحوا مثل دول المشرق العربى ..
وسيكون على مصر اما ان تصمت وتتقبل وتعرض شعبها للموت عطشا والاخطر ان مصر لو قبلت بناء السد بدون التأكد من سلامته ستعرض امنها للخطر فحجم المياه خلف السد إذا اكتمل سيشكل طوفان يدمر السودان ويلحق الضرر بمصر فى حاله انهيار السد
او تدخل فخ الحرب ويتم استنزافها فى حرب ميدانها اثيوبيا
ونتذكر اغواء امريكا لصدام حسين بواسطه السفيرة الأمريكية ابريل جالاسبى التى ابلغت صدام ان الكويت يسرق البترول العراقى وان صدام لو قام بغزو الكويت وضمها للعراق فإن امريكا سترى ان ذلك شأن داخلى للعراق ولن تتدخل ..
وسقط صدام فى الفخ فقامت امريكا بتشكيل تحالف دولى بزعم تحرير الكويت لكنها استغلت الحرب ولم تكتفى بتحرير الكويت ولكنها قامت بتدمير العراق واحتلاله واحتلال كل المشرق العربى
الصهيونية تسعى لذلك.
فكل رصاصه ستطلقها مصر فى تلك الحرب تخصم من قوه مصر التى تعدها لمواجهه عدوها الحقيقى وهو الصهيونية وإسرائيل وامريكا ، وكل جنيه ستنفقه مصر فى تلك الحرب "الحرب فى النهايه فلوس فالرصاص فلوس والأسلحة فلوس ...الخ "
يخصم من ثروة مصر التى تدخرها لتواجه بها عدوها الحقيقى
فالحرب تحقق مصلحه ذلك العدو.
والحرب هى المنقذ الوحيد لابى احمد فقد وعد شعبه ان السد سيحقق لهم الرفاهيه والتقدم وهو اول من يعلم كذب ذلك
ولو قامت مصر بضرب السد ستنقذه من مواجهه غضب شعبه
وقيام مصر بضرب السد هو المنقذ الوحيد لاثيوبيا التى تمزقها الحرب الأهلية حاليا لأن قيام مصر بضرب السد سيجعل القبائل الإثيوبية تنسى صراعاتها وتتوحد لمواجهه العدو الخارجى الذى
هو مصر فى تلك الحاله.
لهذا تتعنت اثيوبيا فى موقفها على امل ان تقوم مصر بضرب السد لتنقذ اثيوبيا من الاحتراق فى اتون الحرب الأهلية وتنقذ ابى احمد من مواجهه شعبه ، وتتيح للعدو فرصه استعداء العالم ضد مصر بوصفها دوله معتديه وامريكا وحلف الأطلنطي جاهزين.
بالتاكيد كل ذلك فى حسابات الدوله المصريه التى بالتأكيد
وضعت اكثر من سيناريو للتعامل مع الموقف بما يحفظ مصلحه مصر ، ونتذكر كلمه وزير الخارجية سامح شكرى فى مجلس الأمن بخصوص النيل "النيل مسأله حياة والدفاع عن الحياه ليس اختياراً مطروحا ولكنه فرض".
ونتذكر كلمات الرئيس السيسى "كل الاختيارات متاحه ماحدش يتصور أنه بعيد عن قدراتنا ".
وأخيراً العدو اختار اثيوبيا لتحارب بالوكاله عنه ولتكون ارضها ميدان المعركة التى يخوضها ضد مصر وهذا تصرف يحمل فى ثناياه أنه يدرك انه اضعف من مواجهه مصر بصورة مباشرة
ونتذكر ان مصر فى اكتوبر ١٩٧٣ وهى تعانى اثار هزيمة يونيو ٦٧ الكارثية وارضها محتله وقناة السويس مغلقه ومصر محرومه من دخلها وسكان مدن القناة مهجرين يعيشون حياة اللاجئين داخل مصر.
مصر الجريحه المهزومه هذه سبق لها تحدى ذلك العدو وهو بكل قوته والحقت به هزيمه كارثية مازال يعانى من اثارها إلى اليوم
لدرجه انه لا يجرؤ على تحدى مصر بصورة مباشره ولجأ إلى الزج بدوله متخلفه تعانى اشد انواع الفقر والتخلف والحرب الأهلية لتحارب عنه بالوكاله وتكون ارضها ميدان المعركة.
مصر ادهشت العدو باتباعها فلسفه "الاناكوندا " حيث قامت فرض حصار افريقى قوى بعقد اتفاقيات اقتصاديه وعسكرية من دول الطوق التى تحيط باثيوبيا ..
وهو حصار يهدد باختفاء دوله اثيوبيا التى سبق لها إحتلال أراضى من كل هذه الدوله وسبق لها الاضرار بالأمن القومى لكل هذه الدول ببناء سدود على الانهار التى تنبع من اثيوبيا وتمد شعوب هذه الدوله بالمياة وهو ما نتج عنه كوارث مازالت هذه الدول تعانى منها ومصر اليوم تتيح لهذه الدول الفرصه لاستعادة ارضها التى تحتلها اثيوبيا واستعادة المياه التى سرقتها اثيوبيا وعقاب اثيوبيا على جرائمها واصبح على من يقف خلف اثيوبيا ان يراجع حساباته فهناك تحالف افريقى قوى سيتصدى لاثيوبيا .
وقامت مصر بفرض حصار دولى قوى نتج عنه ان اثيوبيا كانت قررت ان عمليه بناء السد تستغرق سبع سنوات وقد مرت عشر سنوات وفشلت اثيوبيا فى استكمال بناء السد لتوقف الصين وايطاليا والبنك الدولى عن دعم عمليه بناء السد بعد ادراكهم ان فلوسهم التى انفقوها تم اهدارها لأن مشروع بناء السد سينتج عنه مشاكل كارثيه تهدد بتدميره او باختفاء دوله اثيوبيا وبذلك ضاعت فلوسهم كما ان مصالحهم الكبيرة مع مصر ستصاب بالضرر إذا تعرض استقرار مصر للضرر ، مصر ستخوض الحرب فى التوقيت الذى تقرره هى وبالاسلوب الذى تقرره هى لضمان النصر.
ما يهمنا كمواطنين مصريين هو ان نثق ان هذا الصراع سينتهى لصالح مصر ان شاء الله وانه لن يكون إلا ما تريده مصر
فمصر عندما تريد تستطيع ومصر ارادت الخير لنفسها وللمنطقه.
دورنا كمواطنين مصريين ان نستمر على ثقتنا فى قيادتنا
وان ندعها تخوض الصراع بما تراه فهى تعلم مالا نعلمه
وان ندعم كل قراراتها ومواقفها حتى لو كانت ضد قناعتنا الشخصيه.
فالدوله تعلم مالا نعلمه وان نعبر عن دعمنا لموقف الدوله وقيادتها أيا كان بدون اى ضغط ونحن على ثقه ان القيادة تتخذ القرار السليم وان نتصدى لدعاه الحرب بنفس القدر الذى نتصدى به لدعاه الاستسلام.
إرسال تعليق