الحب والجنس عند العرب

+ حجم الخط -
الحب والجنس عند العرب,فلسفة,منطق,دكتور حسين علي,آداب عين شمس,جورنال مصر

بقلم الدكتور حسين علي
أستاذ المنطق وفلسفة العلوم بآداب عين شمس

عُرِفَ عن الرجال العرب قبل الإسلام وبعده أنهم استمتعوا بحرية جنسية واسعة، سواء عن طريق الزواج وتعدد الزوجات، أو دون زواج عن طريق إباحة العلاقات الجنسية مع الجواري والإماء أو ما ملكت اليمين. (د. نوال السعداوي، الوجه العاري للمرأة العربية، مؤسسة هنداوي سي أي سي، المملكة المتحدة، 2017، ص 57)

كانت القبائل العربية قبل الإسلام وبعده ترى أن تعدد الزوجات للرجل يزيد النسل، وكانت قوة القبائل الاقتصادية والاجتماعية والقتالية تقوم على القوة العددية أساسًا. وفي تلك المجتمعات الصحراوية نسبيًا لم يكن الأطفال يمثلون عبئًا ماديًا، بل كانوا أدوات للعمل إذ يتم استخدامهم في رعي الإبل والماشية. (ص 60)
خاضت القبائل العربية حروبًا كثيرة، واشتدت هذه الحروب بعد ظهور الإسلام دفاعًا عن الدين ضد محاولات أصحاب الديانات القديمة النيل من الإسلام، ثم ما تبع ذلك من انتصار المسلمين ونجاحهم في إقامة الدولة الإسلامية ونشر الإسلام، وذلك بغزو البلاد الأخرى، مما أدى إلى مقتل كثير من رجال المسلمين في تلك الحروب، فزاد عدد النساء عن عدد الرجال، فضلاً عن جلب عدد كبير من أسيرات الحرب، وكان الحل الطبيعي في نظر المجتمع في ذلك الوقت هو أن يتزوج الرجل أكثر من إمرأة، يتزوج أربع زوجات، وما يشاء من الجواري كل حسب مقدرته. (ص 60)

تقول نوال السعداوي: «إن الإسلام مثله مثل الأديان السابقة عليه، قد ورث الفكرة القديمة التي ألصقت تهمة الشيطنة بحواء والنساء جميعًا من بعدها، ومن الأمثلة الشائعة عند العرب:
«ما اجتمع رجل وإمرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما»
ومن هنا كانت المرأة في نظر العرب خطرًا على الرجل وعلى المجتمع، وكان لابد من عزلها في البيت بعيدًا عن الرجال وعن المجتمع، أو حماية الرجال من خطرها إذا خرجت من بيتها؛ وذلك بتغطيتها ولفها بالعباءة والحجاب كما تغطى وتفكك المتفجرات. وقد بلغ من أمر تغطية المرأة بالكامل في بعض المجتمعات العربية إلى حد أن ظهور إصبع من أصابع يدها أو قدمها كان كفيلاً بإحداث «الفتنة» في المجتمع، وكلمة «الفتنة» هنا لا تعني «جاذبية المرأة الشديدة»، ولكنها تعني «الفوضى» والاضطراب والشغب وانهيار المجتمع ونظامه». (ص 62)
 وعلى هذا تقول الكاتبة أن المجتمعات الإسلامية تتمسك بحقيقتين متناقضتين، هما:
1-    إن الجنس أحد متع الدنيا وزينتها، وضروري للتناسل، وتقوية المجتمع.
2-    إن الاستسلام لهذا الجنس يقود إلى الفتنة واضطراب نظام المجتمع. (ص 63)
ويدعو الإسلام الرجال إلى الزواج، وقال النبي محمد (ص): «النكاح سُنتي، فمن أحب فطرتي فليستن بسنتي»، ورغم اعتراف الإسلام بالشهوة الجنسية عند كل من المرأة والرجل، فإنه حين وضع القيود وضعها على المرأة فقط، ونسى اعترافه السابق بقوة رغبتها. ولم ينس الإسلام أبدًا أن الرجل له رغبة جنسية قوية، فوضع له حلولاً تؤدي إلى إشباع رغبته الجنسية، بإباحة ممارسته الجنس مع أي عدد من النساء يشاء؛ عن طريق تعدد الزوجات ونكاح الإماء والجواري. (ص 64)
وقد شهد تاريخ العرب المسلمين هؤلاء الرجال الذين نكحوا من النساء مئات ومئات، ويقول الغزالي: «ويُقال إن الحسن بن علي كان منكاحًا، حتى نكح أكثر من مائتي امرأة، وكان يعقد على أربع في وقت واحد، وربما طلق أربعًا في وقت واحد.

ويُرْوَى أن الخليفة المتوكل كان يملك في قصوره أربعة آلاف جارية، وطئهن جميعًا! (انظر:
( Hltti, History of the Arabs  
نقلاً عن: د. علي الوردي، وعَّاظ السلاطين، دار كوفان للنشر، لندن، 1995، ص 9.
وقال الغزالي أيضًا: ولما كانت الشهوة أغلب على مزاج العرب، أبيح نكاح الأمة عند خوف العنت، مع أن فيه إرقاق الولد، وهو نوع إهلاك، وهو محرم على كل من قدر على حرة، ولكن إرقاق الولد أهون من إهلاك الدين.

وتعلق نوال السعداوي على ذلك، قائلةً:
«وكأنما الدين لا يبقى إلا إذا نكح الرجل ما شاء من النساء على حساب مصلحة الأطفال، ونرى هنا تساهل التراث الإسلامي مع الرجل لإشباع رغبته الجنسية، وإن كانت على حساب إرقاق الولد، وظلم البريء الذي لا ذنب له، وإن كانت على حساب المرأة الأمة (العبدة) التي ليست لها حقوق الزوجة، وليس لطفلها حقوق الطفل الذي ولدته المرأة الحرة».

والسؤال هنا: لماذا كل هذا التساهل مع الرجل؟ لماذا لم يُطلب من الرجل أن يكبح جماح شهوته والاقتصار على زوجة واحدة كما هو الحال مع المرأة وفُرِضَ عليها زوج واحد، مع أن المرأة لديها شهوة جنسية مثل الرجل وربما أشد؟ لماذا التساهل مع الرجل إلى حد التضحية بمصلحة الأطفال ومصلحة الأسرة ومصلحة النساء، على حين تم التشدد مع المرأة تشددًا بلغ حد القتل إذا ما لاح للمرأة أن تنظر إلى رجل غير زوجها؟ (ص 65)

إن استغلال المرأة يقوم على أن الرجل يدفع لها أبخس أجر، والرجل هو الذي يحدد ما يدفع، قد يكون مبلغًا ضئيلاً من المال، وقد يكون طعامًا أو كساءً، لكنه شيء يدفعه الرجل ويبرر به سيادته على المرأة؛ فالرجال قوامون على النساء بما أنفقوا من أموالهم. ومعنى ذلك أن «المال» هو الذي يفرض الأخلاق، والمفروض في الأديان- وفي الإسلام- أن الأخلاق ترتكز على المباديء الإنسانية وليس على المال، وقد نص القرآن الكريم: (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ)، و(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ). ومع أن الآيات القرآنية الكريمة، واضحة وقاطعة في القول بأن الأفضلية والمكانة الطيبة عند الله لا تكون بكثرة امتلاك الإنسان للمال، فإن من يستقرأ وقائع تاريخ العرب قبل الإسلام وبعده، وحتى يومنا هذا، يجد أن المال هو الذي يمنح المرء سلطة وسطوة، ويميزه عن غيره من فقراء البشر، إذ المباح للأغنياء محرم على الفقراء!.

          وكان وعَّاظ السلاطين يستنزلون غضب الله وويلاته جميعًا على رأس ذلك الفقير الذي يغازل جارية من الجواري، بينما هم يباركون للغني، ويهنئونه على تلك الجواري اللواتي اشترهن بماله من السوق، كأن الفرق بين الحلال والحرام، في نظر هؤلاء هو الفرق بين وجود المال وعدمه! والمدهش في هذا الباب- كما يقول علي الوردي في كتابه «وعَّاظ السلاطين»- إن بعض الفقهاء يفرقون بين اللواط بالغلام المملوك وغير المملوك. فاللواط بغلام غير مملوك يستوجب القتل أو الرجم أما من يلوط بغلام مملوك له فلا يستحق عندهم غير التعذير من القاضي. ومعنى ذلك أنهم يقتلون الفقير الذي يلوط، أما الغني الذي يشتري الغلمان ليلوط بهم، فعقابه أن يقول له القاضي: «قف ... قبحك الله».
(انظر: منز، الحضارات الإسلامية في القرن الرابع الهجري، ج 2، ص 118).

نقلاً عن:  نقلاً عن: د. علي الوردي، وعَّاظ السلاطين، دار كوفان للنشر، لندن، 1995، ص 10.
 ولقد أدركنا من قبل كيف فطن المجتمع إلى الطبيعة البيولوجية والجنسية القوية للمرأة، التي شبهها بقوة الشيطان؛ ومن هنا لم يكن في استطاعة المجتمع أن يفرض إخلاص المرأة وعفتها إلا بأن يحول بينها وبين جميع الرجال باستثناء زوجها، وباستثناء الرجال المُحَرَّمين عليها مثل الأب والأخ والعم والخال؛ وهذا هو السبب في نشوء ظاهرة الفصل بين الجنسين، وتحريم اختلاط الرجال بالنساء؛ وذلك بحبس النساء في البيوت. إن تحريم خروج النساء من البيوت يحقق ثلاثة أهداف في وقت واحد، هى:
1-    يضمن إخلاص المرأة وعفتها لعدم اختلاطها برجل غريب.
2-    يُفرِّغ المرأة تمامًا لأعمال البيت وخدمة الرجال والأطفال والمسنين.
3-    يحمي الرجال من خطر النساء وفتنتهن القوية المهلكة، التي قد تذهب بثلثي عقله وتمنعه من التفكير في الله والدين والعلم، كما ذهب إلى ذلك بعض مفكري الإسلام. (ص 69)