اقفز فوراً من النافذة

+ حجم الخط -
جورنال مصر


بقلم الدكتور - إبراهيم محمد مرجونة 
استاذ التاريخ والحضارة الإسلامية ورئيس قسم التاريخ كلية الاداب جامعة دمنهور 

ضع قائمه بالأفكار والأشياء التي يحتاج عملها سرعة في الوقت وسرعة في اتخاذ القرار, ثم اقفز فورا من النافذة لتعملها وتبدأ بها، هذا ما أورده :ستيف جوبز رجل أعمال,عالم كمبيوتر,مخترع (1955 - 2011). 

تعدّ عملية صنع القرار واتّخاذه واحدةً من الاستراتيجيات التي يقوم عليها التفكير، والتي تشمل البحث في عمق المشاكل والمسائل المطروحة وإيجاد الحلول المناسبة لها وإنتاج مفاهيم جديدة، وقد تعامل الباحثون مع عملية اتّخاذ القرار مع كلٍّ من البحث والتفكير والإنتاج التي تسبق صنع القرار بصورةٍ تستقلّ فيها الواحدة عن الأخرى، وذلك لشمولها على العمليّات المتعدّدة والمختلفة وتطلّبها لاستخدام المهارات ذات الكفاءة العالية من التفكير، والتي تعمل على التحليل والاستنتاج وطرح الأفكار، كما أنّ عمليّة اتّخاذ القرار تُصنّف ضمن العمليات المركّبة للتفكير، وتنقسم هذه العمليّة إلى قسمين رئيسين: الأوّل هو تحديد الهدف المنشود بصورةٍ واضحة، والثّاني هو إيجاد جميع الحلول والبدائل التي يُمكن تقبلها. 

و هذا ما يدفعنا للتساؤل : كيف يمكننا تنفيذ القرارات و عدم التكاسل عنها ؟ّ

• التشتت : من أول المشاكل التي تواجه الشخص عند إتخاذ و تنفيذ القرارات هو التشتت , فمثلا تجد الشاب بعد التخرّج يتشتت بين العمل أو الدراسات العليا أو الهجرة أو الزواج ما قد يدفعه إلى إضاعة الكثير من الوقت في المفاضلة بين هذه القرارات , لذلك تظهر الحاجة إلى ترتيب أولويات القرارات بحيث يبدأ الشخص بما يسهل تنفيذه حتى تكون بداية محفّزة لتنفيذ باقي القرارات .

• عدم تحديد الهدف : نأتي الى المشكلة الثانية : أغلب القرارات اللي نتخذها تكون غير محددة , مثل (سأربي ابنائي تربيه سليمه) , فما مفهوم التربية السليمة الذي تقصده ؟ هل هي التربية الجسدية أم الدينيه أم تعليمية ام ماذا ؟ فالأجدر هنا ان يضع الشخص هدفا ( أو مجموعة أهداف ) واضحة محددة لما يريد أن يحققه و يحدد لنفسه فترة ومنية تقريبية لتنفيذه حتى لا ينفد الوقت منه .

• جمع المعلومات : أما النقطة الثالثه فهي تتعلق بجمع المعلومات عما نود تحقيقه , فإذا كنت قد قررت الهجرة إلى المانيا مثلا فماذا تعرف عنها ؟ هل تعلمت لغتها ؟ و ما مدى معرفتك بثقافة و عادات شعبها ؟ إن اهمية مرحلة جمع المعلومات تتمثل في أن هذه المعلومات إما أن تزيدك رغبة في تنفيذ هذا القرار او ستجعلك تنفر منه و تتجه لغيره , و في الحالتين مكسب لك .

• التغيير أسهل في مجموعة : " ورد في التراث : أن رجلا قتل مائة نفس فذهب لعالم صالح يسأله هل له من توبة , فأجابه العالم : اخرج من ارض المعصية الى ارض الطاعة " .

لعل من أبرز المشكلات التي تواجه الفرد عند تنفيذ القرار هي عدم وجود من يشجعه , فإذا أعلنت أنك تريد تعلم اليابانية مثلا , ترى كم شخص من أصدقائك اوعائلتك سوف يشجعك على هذا ؟ معظمهم سيقولون أنهم غير مهتمين باليابانية و أنها صعبة التعلم و قد يدفعك هذا لإلغاء الفكرة تماما , هنا تظهر الحاجة للإنضمام إلى مجموعة تريد أن تتعلم هذه اللغة حتى يحمّس بعضكم بعضا , إنضم إلى مجموعة لديها نفس إهتماماتك .

• الإلتزام : نأتي إلى المشكلة التي تتسبب في عدم تنفيذ معظم القرارات , ألا و هي عدم الإستمرارية , فكم من قرارات يتخذها بل يبدأ الفرد في تنفيذها بالفعل ثم ما يلبث أن يتكاسل فلا يكملها , لذلك يجب عليه أن يجد ما يدفعه لإكمال ما قد بدأه و أفضل الطرق للإستمرار هو الرغبة الداخلية في فعل هذا الشيء فإذا إستطاع أن يوجد هذه الرغبة فسوف يصبح الأمر يسيرا , أما الأشخاص الذين يجدون مشكلة في عدم الإلتزام الداخلي فالأفضل لهم أن يبحثوا عن وسيلة إلزام خارجية , مثلا إذا كنت لا تستطيع أن تتعلم لغة بمفردك قد يكون الأفضل أن تتعلمها في إحدى الجهات المختصة حينها ستجد نفسك ملتزما بالحضور و التعلّم .

و أخيرا .. من الأفضل أن يبدأ الشخص في التعامل مع قراراته السابقة سواء بتنفيذها أو صرف النظر عنها قبل أن يفكر في إتخاذ قرارات جديدة .وضع في الاعتبار عدة أمور مهمة ومنها : لا تعبر الجسر قبل أن تصل إليه، فكر قبل أن تعبر.