مسودة بيضاء

+ حجم الخط -
مسودة بيضاء، جورنال مصر،
محمود شنيشن

نحن اكثر شعوب الارض تحدثاً عن الدين وفى الدين وبالدين ، نسمع هذا الحديث أينما كنا نسمعه جميعنا فى القطار وفى السيارة وفى الحقل وفى محل العمل ، نسمعه ونقرأه على صفحات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعى ، نسمعه فى الآذاعة والتلفزيون وفى المساجد والقهاوى وعلى نواصى الطرقات نسمعه من قارىء بجوارنا يقرأه فى الجرائد او المجلات ، حديث نسمعه من الآساتذة والشيوخ ومن الفلاحين والعمال ومن المتعلمين ومن انصاف المتعلمين ومن الغير متعلمين من الشباب والتجار ومن الطلاب والوعاظ من الآطباء والمعلمين من العجانيين والخبازيين والفرانيين ، حديث نسمعه من الساقيين والسواقين والسائقين ، من الآباء والآمهات من الصغار والكبار ، الكل يتحدث فى الدين ويزين حديثة بالدين واخلاقيات الدين وسماحة الدين وعدالة الدين ورحمة الدين وجمال الدين ، ومع كل هذا فحدث ولا حرج عن المساوىء والمسالب فى هذا المجتمع تجد الآنانية والآنتهازية والظلم والجور والفساد والآفساد ، تجد الخديعة والمكر والدسيسة التى يمارسه هؤلاء الآدعياء مجتمع المتحدثين عن الدين ، فالدين والتدين عندهم معناه ومفهومه عنصرية وتفرقة وتمييز لصالح المسلمين ، معناه حرمان الغير مسلمين من رحمة الله ومن سعتة معناه ان الكفر كله ملة واحدة ، معناه ان الجنة فقط للمسلمين حتى ولو كانوا وحوش بربريون والنار لؤلائك الكفار حتى لو كانوا رحماء متسامحيين ، معناه إستباحة آعراض وآموال ودماء اولائك الكفار حتى لو كانوا مسالميين طيبيين معناه بغضهم وكراهيتهم وحسدهم وتمنى زوال نعمة الله التى أنعمها عليهم من بين ايديهم ، معناه غليل الدعاء عليهم وعلى من والاهم وناصرهم ، لآن التدين عندنا ارادوه وأفهموه لنا على أنه ذقن وسواك ومسك وجلباب قصير وجمود فى العقل وضمور فى الفهم وترديد ماقاله فلان بن فلان عن علان بن علان الذى ذكره فى كتابه القيم التفعيص فى حوارى لندن وباريس ، فجميعنا تقريباً الا نفرٌ قليل يدور فى قالب واحد ظاهرى شكلى يبحثون فيه عن أسلمة المظهر وسطح المجتمع الخارجى ، فلم يجهد احدً نفسه فى أن يقدم لنا نموذج ومثل واحد يحتذى به للتسامح وقبول الآخر بذلك الآختلاف الذى جبل الله وفطر البشرية والكون كله عليه ، بل نسمع منهم كثيرأ مقولة أسلم تسلم يروجون لها وهم مغطبتين فرحيين ولا يدركون انهم بذلك أنما يعينونا اعداء الاسلام علينا ويروجون لهم فكرة ان هذا الآسلام العظيم قد انتشر بحد السيف ، ثم نجدهم بكل فجاجة وواقحة فى نفس ذات اللحظة يقولنا لقد انتشر الآسلام بالمحبه والوئام.

لقد اصبحنا فى أمس الحاجة فعلاً لخطاب اسلامى جديد يحترم العقل ويشجع البحث ويقدر الانسان ويقدس روحه كونه انسان وفقط ويسع البشرية كلها بجل أختلافاتها الروحية والعقائدية والآثينية وكفانا بهؤلاء الآدعياء اسائة للآسلام والمسلمين.